الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة الى يوسف الشاهد: اختر بين تونس.. والفساد الرياضي

نشر في  13 سبتمبر 2017  (12:32)

عاد جدل الأخطاء التحكيمية وما يترتب عنه من شبهات فساد رياضي في تونس ليتفجر بعد أربع جولات فحسب من انطلاقة سباق البطولة المحلية التي يبدو أنها لن تختلف عن سابقاتها في تواتر منسوب الأخطاء وخاصة المشبوهة منها رغم كل التطمينات الصادرة عن أولي القرار في الادارة الوطنية للتحكيم ومن ورائها الجامعة حتى وان أقسمت الجماعة مرارا وتكرارا بفصل تام في المهام وعدم عدم تداخل ولا وصاية جامعية على ادارة عواز وبركات وفيالقهما في مختلف اللجان والرابطات..
ما حصل في لقاء الترجي ومستقبل قابس سبقته أيضا تشكيات عديدة، ويبدو أنه من حسن حظ أهل القطاع التحكيمي أن جولتين مرتا في البداية دون تغطية تلفزية، غير أن عودة المافيولا ولو بصفة جزئية في برنامج الأحد الرياضي خصوصا في اللقاءات التي حظيت بالتغطية التلفزية ستضع الجماعة أنفسهم في احراج شديد ازاء ارتفاع في منسوب الضغط الجماهيري الداعي الى حسم الأمور مبكرا كي لا تتفاقم الأخطاء والشبهات بتتالي الجولات..
مردود عامر شوشان نموذجا والعديد من زملائه ممن مروا في صمت سيعيدنا الى النقطة الصفر حول مزاعم وشبهات الفساد الرياضي في تونس..والذي يبدو أنه سيظل خارج دائرة اهتمام الحكومة رغم بعض التصريحات الاستعراضية لبعض المسؤولين البارزين في تركيبة حكومة الشاهد..الا أن شيئا لن يحصل مع سبق الاضمار والترصد..
مباراة رادس عادت لتضع الاصبع على مكمن الداء خصوصا مع تحرك الأستاذ الطيب بالصادق الذي قال انه سيودع ملفا متكامل الأركان لدى لجنة الأخلاقيات بالفيفا لكشف ملابسات عن تجاوزات طويلة وعريضة اهتز على وقعها المشهد الكروي ببلادنا، ولئن كنا لا نشك في النوايا الطيبة لل"صادق"، فان هنالك من تحدث عن حماسة مفرطة ووقتية للرجل بعد تزامن الخطأ مع ضرر لحق فريقه الأم مستقبل قابس، أي ما يعني أنها نوبات عابرة ومحاربة عاطفية للفساد مع اقرارنا التام بوجوده في كرتنا العليلة.
التشهير بالمفسدين يبقى أمرا محبذا ومطلوبا في كل الأحوال، وهو مهمة جماعية تتوزع مسؤولياتها بين الاعلاميين ورجال القانون والجمعيات والجماهير، غير أن المعادلة التونسية تتضمن عدة حلقات مفقودة، ولعل الأمر الأهم هو أن النوايا الحسنة لا تكفي لوحدها للقضاء على بارونات تغولت بين الملاعب والجهات في مختلف الاختصاصات، فالفساد ليس مجرد عدم الاعلان عن ضربة جزاء، بل أنه سلك معقد ينطلق بالتعيينات والاختيارات ويصل حد التغاضي عن التغطية التلفزية ودور المونتاج والى ما غير ذلك من الأساليب الملتوية التي يجيدها ممتهنو الأمر بكل حرفية..وهذا ما يتطلب اذن جهودا خارقة لمحاربة عصابات الخفاء..
ما حصل في مبادرة الطيب بالصادق يبقى شأنا محمودا غير أنه يستوجب الدعم والمساندة ثم الأهم الحرص السياسي والارادة الحقيقية لكشف وتطهير كل معوقات التنمية الرياضية في بلادنا، فأن تصم الدولة أذنيها بعشرات مسؤوليها عن نداءات استغاثة حول اهمال وتقصير من سلطة الاشراف، فهو مؤشر عكسي على تغلغل البيروقراطية وعدم ايلاء الرياضة ما تستحقه من أهمية ولا يوحي بنوايا حقيقية للاصلاح والتشهير بالمفسدين، فحكاية اللجوء الى الفيفا غالبا ما أصغينا اليها مع كل كارثة تحط أوزارها بين ملاعبنا، بيد أن الملف يطوى سريعا بمفعول الوساطات والترضيات..وهذا ما يعي أننا أحوج ما يكون الى ثورة حقيقية لا يكبح جماحها مجرد فوز باهر لفريق نخبة أو تتويج اقليمي وقاري يلهينا عن لب الاشكال ويغيب حقيبة بأكملها في التحوير الوزاري بعد أن كانت المرشحة الأولى للاهتزاز..
سمعنا سابقا عن اتجاه الى مبنى سويسرا، غير أن شق المعارضة لمحاربة الفساد غالبا ما أشهر عصا تهديد الفيفا وباقي اللجان الأولمبية والاتحادات الدولية الرافضة للتدخل السياسي حتى وان كانت البادرة صدرت عن شخصية رياضية..واذا ما تحدث يوسف الشاهد هذه المرة عن منوال عمر ابن الخطاب (في تلميح للعدل) فاننا نذكره بقوله سابقا حول الاختيار بين تونس والفساد واقراره بالانتصار لتونس..فالرياضة تعد أيضا شريانا حيويا في البلاد، فاما أن يختار تونس أو أن الخراب سيعم قدما ويدا وسلة وبقية اختصاصات ما لم يحصل الاصلاح والتدخل الراديكالي لايقاف نزيف الفساد الرياضي..

طارق العصادي